والثلاثة، فلا يقع لنا العلم (لتجويزنا) الكذب عليهم، حتى يبلغوا حداً لا يجوز اجتماعهم على الكذب، لا اتفاقا ولا تواطؤاً، فحينئذ نعلم هذا (من) نفس الاستدلال، فدل على أنه مكتسب.
احتج من نصر الأول: أن الواحد منا يعلم وجود الصين ومصر، ولا نعلم أنه أخبره بذلك (كثرة).
الجواب: أنا نعلم أنه قد أخبرنا كثرة لا يجوز عليهم الكذب لكثرتهم، (أو أخبرنا) من لا (داعي) له إلى الكذب وإن لم نعلم أعيانهم، ونعلم أيضاً أن كل من (سألناه) عن الصين ومصر يخبرنا بهما إما عن مشاهدة أو عن سماع (ممن شاهد، ونعلم) أيضاً أنه لا يجوز أن يكون لا أصل لوجود الصين ومصر وتتصل الأخبار عنهما الزمن الطويل ولا يظهر كذبها لأحد من الناس، ولا يقع في ذلك خلاف وتنازع.
واحتج: (بأن) الإنسان يعلم البلاد النائية، والأمم السالفة علما لا يمكنه نفيه عن نفسه بالشك، وذلك يختص بالعلم الضروري، لأن المكتسب قد يدخله الشك.