879 - دليل آخر: لو قبح تأخير البيان لكان وجه قبحه (فقد) تبين المكلف، وذلك لا يقتضي قبح الخطاب، ألا ترى أنه لو بين للمكلف فلم يتبين لا يقبح الخطاب وهو كقصة عمر رضي الله عنه في الكلالة.
880 - احتج المخالف: على أن ما له ظاهر، إذا أراد خلاف ظاهره لم يجز تأخيره بيانه فإنه إذا خاطبنا بالعموم فإنما قصد إفهامنا، (ولولا ذلك لم يكن مخاطباً لنا، وإذا قصد إفهامنا) فلابد أن يخاطبنا بما نفهم مراده به، فإذا لم يبين لنا مراده فما أفاد خطابه الإفهام، فصار بمنزلة من خاطب العرب بالزنجية.
الجواب: أنه قد تعلق بخطابه إفهام لنا وهو الأمر بالفعل على سبيل الاستغراق، وكذلك (في) المجمل يفهم (من) قوله: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} الأمر بصلاة، فأما خطاب العربي بالزنجية فيحتمل أن (يجوز) إذا علم أن المخاطب حكيم لأنه يعلم، أنه قد أراد منه شيئاً ما إما أمراً وإما نهياً وأنه سيبينه له فيما بعد، ولهذا أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله إلى كل زنجي وفارسي وغير ذلك من اللغات وهو عربي وخاطبهم بالقرآن العربي وإن لم يفهموا ذلك في الحال.