ويدل عليه أن البيان إنما يجب ليتمكن المكلف من أداء ما كلف، والتمكن من ذلك إنما يحتاج إليه عند (الفعل) ولا يحتاج إليه عند الخطاب، ألا ترى أن القدرة لما كانت (لإيجاد) الفعل وجب كونها عند الفعل دون الخطاب.

فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الخطاب يجب لمعنى آخر، وهو خروج الخطاب عن أن يكون عبثاً.

قلنا: إذا تعلق بالخطاب فائدة (في ثاني الخطاب) خرج عن كونه عبثاً، لأن العبث مالا يفيد شيئاً، على أ، هـ في الحال يفيد اعتقاد الوجوب والعزم (والعموم) فإن قيل: لو كان البيان لا يراد إلا للتمكن من الفعل لجاز أن يخاطب العربي بالزنجية ويكون بيانه عند الفعل. قلنا: خطاب العربي بالزنجية لا يفيد شيئاً في الحال، ولا في الثاني، إنما تحصل الإفادة بغير ذلك اللفظ، وهو تفسيره، وتفسيره يقوم بنفسه خطاباً، بخلاف بيان الخطاب المجمل، فإنه قد استفاد منه أن عليه حقاً لكن لا يعلم صفته، فالبيان بيان صفة لا بيان وجوب حق.

875 - دليل آخر: لو قبح تأخير بيان المجمل، لأن المكلف لا يفهم جميع المراد بالخطاب، لقبح تأخير بيان النسخ، وكون المكلف غير مراد بالخطاب إذا كان المعلوم أنه يموت قبل الفعل أو العجز، فلما لم يقبح ذلك، كذلك تأخير بيان المجمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015