فإن قيل: أليس لو قال (لها): اعتدى بما يسمى قرءاً ما جاز أن تعتد بالطهر، وجاز أن تعتد بالحيض، فقد أفادهما اللفظ.

قلنا: إنما جاز ذلك لأنهما اتفقا في فائدة وصفنا لهما بأنهما يسميان أقراء، فالفائدة غير مختلفة في التسمية، فصار كقوله: اضرب رجلاً في أنه أمر بضرب ما يختص بمعنى الرجولية، وليس كذلك قوله اعتدى بقرء لأن (معنى القرء) الطهر، والحيض مختلف، فكل واحد منهما يفيد في صفته غير ما يفيده الآخر، فلم يدخلا في لفظ واحد.

810 - دليل آخر: لو جاز استعمال الكلمة الواحدة في حقيقتها ومجازها، لكان قد أراد استعمالها فيما وضعت له، وأراد العدول بها عما وضعت له في حالة واحدة، وذلك يتنافى، كما يتنافى كون لفظة الأمر يراد بها الإيجاب والتهديد، واللفظة يراد بها الاقتصار على الشيء، والمجاوزة إلى غيره، وفيه ضعف، لأنهم (لا) يقولون: إنه يعدل باللفظة عما وضعت له إلى ما لم توضع له، وإنما استعمالها فيما وضعت له وفيما لم توضع له، بيانه: أنه يستعمل النكاح في الوطء والعقد معاً، وذلك لا يتنافى.

811 - دليل آخر: أن يستعمل الكلمة في حقيقتها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015