جواب آخر: لو ثبت أنه لا طريق لنا إلى الفصل بين الحقيقة والمجاز لم يصر ذلك دليلاً على الحقيقة لأن الشيء لا يكون دليلاً على الشيء لأن غيره يفسد أن يكون دليلاً عليه، ثم ينتقض أصل السؤال بأسماء المجاز كلها كالحمار والأسد والبحر فإنها تستعمل ولا تكون حقيقة.
فإن قيل: ذلك عرفناه بقصد أهل اللغة أنهم لم يريدوا بذلك الحقيقة في اسم الرجل البليد والشجاع والسخي.
قلنا: وكذلك نحن نعلم باضطرار (أن) قول القائل أكلت جميع الخبز، وقد أكل بعضه أنه مجاز وكذلك قوله: ضربت كل من في الدار وقد ضرب بعضهم.
فإن قيل: كيف علمتم ذلك باضطرار ونحن نخالفكم فيه.
قلنا: وكيف علمتم باضطرار أن اسم الحمار (إذا وقع) على البليد مجاز، والنافون للمجاز في اللغة يخالفونكم، ويمنعون أن يكون هذا الاسم مجازاً.
وجواب آخر: أن قولنا أمر يستعمل في الشأن، والقول على وجه الاستعلاء، والفعل، وليس بحقيقة في جميع ذلك ولا يمكن القول بأنا نعلم باضطرار أنه مجاز في غير القول لأن جماعة يقولون: إن ذلك حقيقة في الجميع.
513 - احتجوا بثالث وهو أنه لو أفاد لفظ العموم