أجمعين، ولم يقولوا رأيت القوم نفسه، وقالوا في الخصوص رأيت زيداً نفسه ولم يقولوا رأيته أجمعين، فلما فرقوا بين تأكيدهما (لا بالقصد)، وجب أن يفرقوا بينهما لا بالقصد، لأن حكم التأكيد حكم المؤكد، ولا يلزم على هذه الإشارة فإن الإشارة إلى جماعة خلاف الإشارة إلى الواحد، على أن الإشارة تورد للاستراحة إليها والاستعانة بها (لا للتأكيد) وهذا يلزم من قال: إن لفظ العموم لا يفيد إلا ما أفاده لفظ الخصوص، فأما من قال لفظ الخصوص يتناول الواحد، ولفظ العموم يتناول الجميع دون الواحد فقد قال بأنهما يختلفان باختلاف تأكيدهما فلا يلزمه.
504 - دليل تاسع: أن أهل اللغة وضعوا للواحد غير صيغة الاثنين وللتثنية غير صيغة الجمع، فقالوا: رجل ورجلان ورجال، كما قالوا: فرس وحمار وبعير، فلو كان احتمال لفظ الجمع كاحتمال لفظ التثنية ولفظ الواحد لما كان لتفريقهم معنى.
505 - دليل عاشر: لو قال قائل: رأيت الناس إلا زيداً (عمرا) لكان كلاماً صحيحاً، ولو لم يدخل تحت قوله: الناس كل الجنس لم يصح استثناؤه، لأن الاستثناء يخرج من اللفظ ما لولاه لدخل تحته، ولهذا لا يصح أن يستثني من الناس البهائم، لأنها لا تدخل تحت الجنس، وكذلك لو قال من دخل داري ضربته حسن أن يستثنى من شاء من العقلاء، فلو لم يكن قد دخل تحت لفظة