الإخبار عن الاستغراق إلى كل وجميع ولا يلجأون إلى لفظ الجمع نحو المسلمين، فإذا كان الجميع مشتركاً بين الكل والبعض لم يلجأوا إلى لفظ دون لفظ.
فإن قيل: إنما (يلجأون بما) يقترن بكل وأجمعين من شاهد الحال لأنه يراد بذلك الاستغراق.
قلنا: فهلا (قرنوا) بلفظ الجمع ذلك، لأنه عندهم بمنزلة كل وأجمعين في أنه يصلح للكل والبعض.
501 - دليل سادس: معلوم أن أهل اللغة إذا قرنوا بلفظ الجمع كل وأجمعين قصدوا بذلك إيضاح مرادهم (للاستغراق) وبيانه، فلو كان مشتركاً في ذلك الكل والبعض لكان قصدهم بالتأكيد (في قوله) رأيت بني تميم كلهم أجمعين تأكيد الإلباس والإيهام، ألا ترى أ، من قال: رأيت شفقاً ثم أكد ذلك فقال: إما الحمرة (أو) البياض أو قال: رأيت جميعاً إما كل القوم أو بعضهم، ثم كرر ذلك اللفظ لم يرد بهذا التأكيد إلا إلباساً فيما رآه، وهذا المعنى وهو أن كل من دل على شيء بدلالة ثم تابع بين الأدلة عليه فإنه يتأكد المدلول، وهذا يعلم بالضرورة كونه محالاً على أهل اللغة.