لو سقط بمجموعهما لكانا واجبين/44 أعلى الجمع، ولو سقط بكل واحد منهما لكان قد حصل حكم واحد عن مؤثرين، وذلك غلط، وإن سقط بواحد منهما فذلك هو الواجب، وغيره ليس بواجب.
فإن قيل: يسقط بكل واحد منهما، لأن ليس أحدهما بأن يسقط به أولى من الآخر، ومثل ذلك غير ممتنع، ألا ترى أن المكلف لو قتل حال ما ارتد لاستحق قتله، وهو حكم واحد لكل واحد من الردة والقتل، ولو انكشفت عورة المصلي حال ما أحدث لخرج من الصلاة بكل واحد منهما.
قيل: إذا قام أحدهما (مقام الآخر) في وجه الوجوب لم يبق وجوب يقوم في وجهه الآخر، ألا ترى أن من كان عليه دينار (واحد) دينا فأعطى الغريم دينارين، لا يقال إن كل واحد منهما قضاء للدين، بل أحدهما قضاء، والآخر لا يكون قضاء، وإنما يكون هبة وغير ذلك، فأما مسألة الاستشهاد فلا تشبه مسألتنا، لأن هناك يتعلق به حكمان: حكم ردة، وحكم قصاص، وأحدهما غير الآخر، ولهذا يسقط كل واحد منهما بغير ما يسقط الآخر، ويستوفي كل واحد منهما على غير الوجه الذي يستوفي الآخر (عليه)، وكذلك الحدث والستارة حكمان كل واحد منهما غير الآخر، وفي مسألتنا الحنث واحد، فإذا جبره بالإطعام لم يبق ما يجبره بالكسوة، فلم تكن واجبة.