فالظاهر أنه لا يكون مثله، وقد بين فيما تقدم أيما شيء شابه شيئاً إلا وقد فارقه في غير ذلك، وليس الجمع بأولى من التفرقة بل التفرقة أولى.

22 - فصل: وأما استصحاب الحال فقد بينا أنه على ضربين: استصحاب حال العقل واستصحاب حال الإجماع.

فأما استصحاب حال العقل فهو: أن الأصل في العقل براءة الذمة من جميع الأشياء، فمن ادعى اشتغالها فعليه الدليل، ومثاله مما نقول: إن صلاة الوتر لست بواجبة فنقول: إن الأصل براءة الذمة من جميع الصلوات، وأجمعنا على اشتغالها بخمس صلوات. فمن ادعى سادسة فعليه الدليل، وكما نقول: إن الحر إذا قذف العبد لا يجب عليه الحد. واستدللنا بأن الأصل براءة ذمة هذا الشخص من الحد، فمن ادعى إيجاب الحد فعليه الدليل.

وأما استصحاب حال الإجماع فهو: أن تجمع الأمة على حكم ثم يحدث بعد ذلك فيه شيء فيختلف فيه. فهل يستدام الإجماع إلى ذلك الوقت أم لا؟ فيه خلاف.

ومثاله: ما نقول في المتيمم إذا رأى الماء وهو في صلاة، فمن قال لا تبطل، قال: اجتمعنا على أنه دخل الصلاة ((بطهارة)) مثله. فمن ادعى أن رؤية الماء لا تجزئه فعليه الدليل.

وضد هذا يقول الخصم: اجتمعنا على إيجاب هذه الصلاة عليه فمن ادعى إسقاطها عنه بهذا التيمم مع القدرة على الماء فعليه الدليل. وفي هذا كله خلاف، سنبينه إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015