فأولى أن لا يجوز له التقليد في الوحدانية والنبوة.
واحتج الخصم: بأن العامة يضعفون عن ترتيب الأدلة مراتبها حتى تثبت لهم المعرفة بها، فإذا منعوا من التقليد أفضى ذلك إلى القول بضلالهم وهم أكثر الأمة، وهذا لا يجوز، ويوضح هذا: أنك لو رجعت إليهم في الطريق الذي منه أخذ التوحيد والنبوات لم يقوموا ببيان ذلك، ولا يتهيأ لهم، فوجب أن يجوز لهم التقليد، كما يجوز في فروع الشريعة لهذه الأمة.
والجواب: أنه ليس كذلك، بل العامة يشاركون العلماء في معرفة الله، وطرق التوحيد والنبوات، لأنها أمور يدركها الإنسان بحسه، ويتفكر فيها بعقله، فيعلم بما يدركه من صنائع الله سبحانه من خلف السموات بغير عمد، وما جعل فيها من الشمس والقمر والنجوم وسيرها، وسطح الأرضين على الماء مع كون البناء لا يثبت على الماء وخلق الإنسان من النطفة وتنقله في الأحوال حتى صار عالماً ربانياً يدير الأمور، ويقيس المقاييس، ويصنع الصنائع، ولو تعطل منه أنملة زال كماله، ولو انقطعت منه شعرة لم يمكنه ردها، إن لها صانعاً يخلقها في كل أحوالها متقدماً عليها في الوجود مستغني عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود، ذلك هو الله رب العالمين، ويعلم أيضاً أنه واحد لا شريك له بما يراه من انتظام الأمور واتساق الأحوال في المخلوقات، ولو كان له سبحانه وتعالى شريكاً أو معه مدير لفسد