فإن (قيل): ما تنكر أن يكون كل واحد منهما كلف أن يظن ما أداه اجتهاده إليه، فإذا ظن ذلك كان مصيباً لما كلف.؟
قلنا: إنما يكلف الظن فيما يتعذر عليه فيه العلم، والعلم غير (متعذر) في مسائل الأصول، ولهذا يدعي كل واحد منهم: أنه عالم بما ذهب إليه يقيناً لا ظناً، ثم نلزمهم (أن يجوزوا قول) اليهود والنصارى، ويقول: أنهم كلفوا ما يغلب على ظنهم مع شبههم، ويكونون مصيبين في ذلك، وهذا فرق الإجماع والخروج عن الإسلام.
دليل آخر: (أن) كل قولين لا يجوز (ورود) الشرع بصحة كل واحد منهما، لم يجز أن يكونا (صوابين) كقول المسلمين بالتوحيد، وقول غيرهم (بالتثنية)، وقول النصارى بالتثليث.
(واحتج الخصم): (أنه) إذا جاز أن يكون كل مجتهد مصيباً في الفروع جاز مثله في الأصول.