دليل آخر: أن من نفي الشيء إما يقيناً أو ظناً، يجب أن يكون/198 ألما ادعاه من ذلك طريق يدل عليه حتى صار إليه، فإذا طولب به لزمه بيانه، لأن قد أثبت اليقين أو الظن بأن ذلك الحكم (منتف)، فهو كمثبت سائر الأحكام.

دليل آخر: وهو أن من نفي (قدم) الأجسام، (لا خلاف أنه) يلزمه الدليل كمن أثبت قدمها، كذلك في سائر الأحكام ولأن النافي للحكم لا يخلو أن ينفيه بعلم أو بجهل، فإن نفاه بجهل لم (يلتزم) كلامه فضلاً أن يكون مستدلاً بذلك، وإن نفاه بعلم لم يخل أن يكون ضرورياً أو مكتسباً، ولو كان ضرورياً لاشتركنا فيه، وإن كان مكتسباً فلابد من دليل عليه، فإذا عدم ذلك بقى مجرد دعوى ولأن الأمور الشرعية والعقلية لابد لها من دليل، فإذا لم يظهره المستدل فقد عجز من إقامة دليله.

واحتج الخصم: بأن من أنكر النبوة لا دليل عليه، لأنه ناف، وإنما الدليل على من يدعي النبوة، لأنه مثبت.

والجواب: أنه لا فرق بينهما، لأنه إن قال: أعلم وأوقن أنك لست بنبي، فإنه يجب عليه الدليل على ذلك، وطريق دليله أن يقول: لو كنت نبياً لأيدك الله بالمعجزة، لأنه لم يبعث رسولاً إلا بمعجزة، فلما لم يؤيدك (الله)، (بها) دل على أنك غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015