لأن فيه ذهاب العين وزيادة، وكذلك قوله: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"، فإن معنى ذلك أن غضبه يمنعه من التثبت في الحكم (والتبين) له، وفي معناه إذا كان حاقنا أو جائعاً، أو خائفاً وكذلك قوله في الفأرة تموت في السمن: "إن كان جامداً فألقوها وما حولها"، (وكلما) كان جامداً من الأدهان وغيرها في معنى السمن، وكذلك قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ}، اقتضى ذلك لرقها فالعبد كذلك، وأمثال ذلك (كثير).

فصل

ومما يدل على صحة العلة الإجماع، فإذا أجمعوا على علة في حكم فوجدت في غيره، وجب أن يعلق عليه (مثاله) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"، أجمعوا على أن علة ذلك اشتغال قلبه عن النظر والتفكير في الدليل والحكم وتغيير طبعه عن السكون والتثبت للاجتهاد، فكان (كل داخل) على قلب الإنسان من خوف (وحزن)، وعطش، وجوع، ومرض، بمنزلة ذلك، وينهى القاضي أن يقضي معه وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015