دليل آخر: قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} فنهى عن التفرق، فإذا (أجمعوا) على شيء لم يجز لمن بعدهم أن يترك (ذلك) القول، لأنه يحصل بذلك التفرق.

فإن قيل: إنما أراد لا تفرقوا في الاعتصام بحبل الله تعالى، كما لو قال لعبيده: ادخلوا جميعاً ولا تفرقوا، كان المفهوم أن لا تتفرقوا في دخول (الدار) فيجب أن تثبتوا أن ما أجمع عليه أهل العصر الاعتصام بحبل الله، حتى يعلم أنه لا يجوز مفارقتهم.

(قلنا): ظاهر قوله: ولا تفرقوا النهي عن التفرق في كل شيء وعلى كل حال. استدل بعضهم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فشرط (في الرجوع) إلى الله والرسول التنازع، فإذا أجمعوا عدم الشرط، فلم يجب الرد، لأن تعليق الحكم بالشرط يدل على أن ما عداه بخلافه.

(ولقائل: أن يقول): لا يجب الرد إذا أجمعوا (على كتاب وسنة، وعن غير كتاب ولا سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015