الفعل حجة.

الشرط الثاني - أن يكون المقَر منقادا للشرع، بأن يكون مسلما سامعا مطيعا، أما إن كان كافرا، فإن تقريره لا يدل على رفع الحرج، وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود والنصارى على بِيَعهم وكنائسهم وعلى عباداتهم.

الشرط الثالث - أن لا يكون قد علم من حاله - صلى الله عليه وسلم - إنكاره لذلك الفعل قبل وقوعه وبعد وقوعه، حتى استقر ذلك شرعا ثابتا، وحكما راسخا لا يحتمل التغيير ولا النسخ. وذلك كعبادة غير الله ونكاح المحارم.

الشرط الرابع - أن لا يمنع من الإنكار مانع سوى ما تقدم. فإن وجد مانع صحيح أمكن إحالة الإقرار عليه، فلا يكون حجة. ومن هذه الموانع أن يسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - في انتظار الوحي، ويعلم ذلك من حاله، فلا يكون سكوته قبل البيان حجة على انتفاء الحرج عن الفعل.

تقرير الله - تعالى -:

لابد من تقييد كون إقرار الله حجة أن ينتشر الفعل ويكثر وقوعه بين الصحابة.

قال الشيخ عياض السلمي في "شرح الورقات": (إقرار الله -جل وعلا- بمعنى عدم نزول ما يخالف ذلك، وعدم تكلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يخالف ما هو موجود، فهذا تكلم عنه بعض الأصوليين على ندرته، وقلة الذين تكلموا فيه، لكن له أصل، وأصله ما ثبت عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: (كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه)، فهذا دليل على أنه يرى أن عدم نزول القرآن بالنهي عن واقعة كثيرة الحصول في المجتمع المسلم في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وعدم بيان المنع منها أو النهي عنها دليل على أنها جائزة، استدل على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلون ذلك، وأنه كان أمر مشتهراً؛ ولهذا فيمكن أن نقول: أنه إذا فعل الصحابة - رضوان الله عليهم - شيئًا وكثر ذلك فيهم، ولم يأت قرآن يدل على المنع منه، ولم يمنع منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيكون هذا من باب التقرير، لكن لابد من شرطه وهو: أن يكون كثير الوقوع، ولا يصح أن نقول أن كل من فعل فعلاً من الصحابة أو ممن كان على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى من الأعراب الذين لم يَفِدُوا عليه، كل من فعل فعلاً في عهد الرسول ولم يأت القرآن بالمنع منه فيكون جائزاً، هذا ما أعرف أحداً يقول به، وإن وجد من يقول به ففي ظني أنه غير صحيح، لا نقول: إن كل ما كان موجوداً ولو على ندرة أنه إذا لم ينزل قرآن بالنهي عنه ولم يتكلم الرسول في النهي عنه فمعنى هذا أنه جائز، هذا غير صحيح، لكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015