واستدلُّوا على ذلك: بالإجماع؛ أخذاً مما عليه الحالُ وقتَ الصحابة والتابعين، فإن العوامَّ كانوا يسألون المفضولَ فيُفتيهم، ولا يأمرُهم بسؤال الفاضل.
ولم يُعهدْ عن أحدٍ من الصحابة أنه كان لا يُفتي مع وجود الأفضل منه في البلدة، وقد أفتى ابنُ عباسٍ وابنُ عمر في حياة الخلفاء الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين.
الواجب على المستفتي إذا تعارضت الفتاوى: أنْ يأخذَ بفتوى الأعلم من المفتين، فإنْ تساووا أخذَ بقول الأتقى والأورع، فإنْ جهل الأعلمَ أو الأورعَ سأل العارفين بهم عن ذلك، ثم أخذ بمَن يغلب على ظنه أنه الأعلمُ أو الأتقى.
والدليل على صحّته: أن فتوى العالم عند العاميّ كالدليل عند المجتهد، وإذا تعارضت الأدلّةُ عند المجتهد وجب عليه طلبُ الترجيح، فكذلك العاميّ إذا تعارضتْ عنده الفتاوى).
لغة:
قال الشيخ: (الاجتهاد لغة: بذل الجَهد لإدراك أمر شاق).
قال الطوفي في "مختصر الروضة" (ص/173): (الاجتهاد لغة: بذل الجهد في فعل شاق، فيقال: اجتهد في حمل الرحى لا في حمل خردلة).
اصطلاحا:
قال الشيخ: (واصطلاحاً: بذل الجَهد لإدراك حكم شرعي).
أولا - استعماله لكلمة: "الجَهد" في تعريف الاجتهاد فيه دور.
ثانيا - يدخل فيه بذل الجهد من غير الفقيه كالنحوي وغيره، ويدخل فيه إدراك المقلد للأحكام الشرعية فهو إدراك لا عن طريق النظر والاستدلال بل عن طريق حفظه للمتون أو حفظ النصوص الشرعية الدالة على الحكم صراحة.
وعليه فالتعريف المختار للاجتهاد هو: (بذل الفقيه وسعه لاكتساب حكم شرعي ظني عملي من أدلته التفصيلية).