التقدير بالكيل، أو كانت العلة القوت أو غير ذلك لم يلحق بالتفاح. وظهر بذلك أنه ليس المراد بالأدون أن لا يوجد فيه المعنى بتمامه، بل أن تكون العلة في الأصل ظنية. قال ابن مفلح تبعا لابن الحاجب: ' من شروط الفرع مساواة علة الأصل فيما يقصد من عين العلة أو جنسها، كالشدة المطربة في النبيذ، وكالجناية في قياس قصاص طرف على النفس '. أما العين: فكقياس النبيذ على الخمر بجامع الشدة المطربة، وهي بعينها موجودة في النبيذ. وأما الجنس: فكقياس الأطراف على القتل في القصاص بجامع الجناية المشتركة بينهما، فإن جنس الجناية هو جنس لإتلاف النفس والأطراف، وهو الذي قصد الاتحاد فيه ... ) (?).
قال الشيخ: (فالجلي: ما ثبتت علته بنص أو إجماع أو كان مقطوعاً فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، والخفي: ما ثبتت علته باستنباط ولم يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع).
ينقسم القياس من حيث قوته وضعفه إلى: جلي وخفي.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 223 (: (اعلم أن للقياس أقساما باعتبارات: أحدها: إما جلي وهو ما كانت العلة الجامعة فيه بين الأصل والفرع منصوصة، أو مجمعا عليها، أو ما قطع فيه بنفي الفارق، كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم النصيب. وإما خفي: وهو ما كانت العلة فيه مستنبطة).
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في "الأصول" (ص/72): (مثال ما ثبتت علته بالنص: قياس المنع من الاستجمار بالدم النجس الجاف على المنع من الاستجمار بالروثة، فإن علة حكم الأصل ثابتة بالنص حيث أتى ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم بحجرين وروثة؛ ليستنجي بهن، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: "هذا ركس" والركس النجس.
ومثال ما ثبتت علته بالإجماع: نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقضي القاضي وهو غضبان، فقياس منع الحاقن من القضاء على منع الغضبان منه من القياس الجلي، لثبوت علة الأصل بالإجماع وهي تشويش الفكر وانشغال القلب.