ولم تفقدْ طوال الدهر حَيّاً ... أخاك السوء حتى لا تراه

أي ما دمت تراه فلم تفقده إذا لم تره. قوله " حيا ": حال من " أخاك " ففدم حال المظهر عليه، ومثله قوله:

شتى تؤوب ب الحلبة

وقال توسعة أبو نهار " من الكامل ":

وكأنّ مهري إذا أجَدَّ إيابُه ... يبْرى بجو حمامة لحام

أي: حمامة تبري بجو لحمام، فلما قدم وصف النكرة عليها نصب على الحال منها. وأما " السَّوء " بفتح السين فكأنه المصدر الحقيقي لسؤته سوء كصغته صوغا، وكأن السُّوء الاسم منه، إلا أن " السَّوءَ " بفتح السين لا يستعمل إلا وصفا كهذا البيت أو مضافا إليه كقولهم: " وهذا غلام سوء "، قال أبو الحسن: لو أخبرت عن سَوء من قولهم: " هذا غلام سوء " لم يجز لانه كان يلزمك أن تقول: " هذا الذي غلامه سوء " فتجعله خبر مبتدأ، وإنما يستعمل مضافا إليه، وكذلك لا يجوز الأخبار عنه وهو وصف لأنك لو أخبرت عن السّوء من قولك: " رأيت غلامك السَّوء " للزمك أن تقول: الذي رأيت غلامك إياه السوء: فيفسد من وجهين، أحدهما: أن تجعله خبرا، وليس ذاك مستعملا، والآخر: انك تصف بالمضمر، وهذا فاسد. وقال عثمان لا تخبر عن " مذ " في قولك: " لم أره مذ يومان " ونحو ذلك من قبل انك لو أخبرت عنها لجعلتها مبتدأ وهي لا تكون إلا مبتدأة، وكذلك ما نقض أصلا لا يمكن نقضه، لم يجز الدخول له تحت ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015