ووجه الدلالة من " ثبة " على أن اللام واو أن الثُبَة محذوفة اللام وقد وصى أبو الحسن بحمل ما حذفت لامه وأشكلت على الواو، قال لكثرة ذلك وإنه أكثر من الياء.

وما نزل الرُّكبان بالخّيفِ من مِني ... ثلاثاً وما خاضَ الظلامَ الكواكِبُ

حياتي وأن يصبح صداي يقفرةٍ ... تَجُرُّ عليه المعصرات الحواصبُ

يرثني له الراوون من بعد موتتي ... ثنائي يعيه مشرقٌ ومغاربُ

لا تكون " حياتي " بدلا من " ما نزل الركبان " لاختلاف مقداريهما وفساد المعنى مع البدل، وذلك أن حياته إنما مدتها عمر إنسان وذلك معلوم القدر، وما نزل الركبان يطول جدا مدته، وكذلك مدة خوض الكواكب الظلام، فأن قلت: فإذا كان الثاني أقل من الأول جاز إبداله منه كنت " ضربت زيداً رأسه "، وإنما يقبح إبدال الأكثر من الأقل ك " ضربت رأس زيداٍ زيداً " لسلب الإنسان والعود إلى الاستبهام قبل: لعمري أن إبدال الأقل من الأكثر سائغ، إلا أنه في هذا الموضع فاسد وذلك إنه يقول إنه لا يزال يروى قصائده فيه أبداً، فإذا عاد فقال بل مُدَّة حياتي، فقدر حياته بالإضافة إلى امتدادا الدهر لا يعتد أصلاً تراجع عمّا تمدّح به وأوجب الحق بشرطه إِياه على نفسه، فإذا كان كذلك كان " حياتي " منصوبا على الظرف بفعل محذوف دل الكلام عليه، فكأنه قال فيما بعد: أمدحه حياتي فأن مت روى الرواة مَدْحي فسار بعدنا أبداً في الشرق والغرب، وأما " ثنائي " فمنصوب لأنه مفعول ليس ثنى ثان، قال كثير " من البسيط ":

أمسى تراث أبن ليلى وهو مقتسم ... في أقربيه بلا مَنٍّ ولا ثمنِ

ورثتهم فتسلَّوا عنك إذ ورثوا ... وما وَرَثْتك غير الهم والحزنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015