دلَالَة. ثمَّ جوزتم أَن تِلْكَ الدّلَالَة خبر من أَخْبَار الْآحَاد، أَو " قِيَاس مستنبط " يخفى مدركه! وَنحن نعلم أَن عُلَمَاء الأقطار يَسْتَحِيل مِنْهُم العثور فِي مجاري الْعَادَات على قِيَاس وَاحِد أَو خبر وَاحِد.
فَيُقَال / لهَؤُلَاء: " الَّذِي ذكرتموه تحكم على الْعَادة. وَذَلِكَ أَن عُلَمَاء الشَّرْع متعبدون بِشدَّة الفحص و " التنقير " عَن الْأَدِلَّة، وتتبع الأمارات المنصوبة على الْأَحْكَام. وهم " دائبون " فِيهِ فِي مُعظم الْأَوْقَات فِي غلبات ظنونهم، وتطلب مِنْهُم فِيمَا تعبدوا بِهِ. وَهَذَا الْمَعْنى فيهم أَشد الدَّوَاعِي على العثور على الْمَقَاصِد. فَلَا يبعد فِي مجاري الْعَادَات عثورهم جَمِيعًا على خبر أَو قِيَاس.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن الَّذين يزِيد عَددهمْ على عدد الْمُسلمين، تراهم فِي شَرق الأَرْض وغربها. فقد اتّفقت كلمتهم واتفقت " دَارهم " على شُبْهَة وَاحِدَة تَقْتَضِي فِي مجْرى الْعَادة قودهم إِلَى الْكفْر وحيدهم عَن الْحق، نَحْو اجْتِمَاع " الملحدة " على الدَّهْر، واجتماع النَّصَارَى على التَّثْلِيث مَعَ اتِّحَاد الأقنومية.