الْكتاب، ومحصوله أَنه إِذا ثَبت أَن الحكم لَا يثبت دون دَلِيل عَلَيْهِ وَلم يتَمَكَّن الْمُكَلف مِم التَّوَصُّل إِلَيْهِ فَكَأَنَّهُ كلف الْعَمَل على وَجه يَسْتَحِيل، فَإِن حَالَة الْجَهْل بالناسخ تنَافِي الْعلم بالتكليف فَلَا يتَحَقَّق مَعَ الْجَهْل الْعلم لتناقضهما وتضادهما، فَلَا مخرج لتجويز ذَلِك إِلَّا تَكْلِيف الْمحَال.
[1318] وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَن الَّذِي لم يبلغهُ النَّاسِخ مُخَاطب بِحكمِهِ الأول إِلَى ان يبلغهُ النّسخ.
ثمَّ اخْتلف بعد ذَلِك فِيمَا يؤول إِلَى عبَادَة عِنْد التَّحْقِيق فَذهب بَعضهم إِلَى أَن النَّاسِخ إِنَّا هُوَ نَاسخ فِي حق من بلغه وَلَيْسَ بناسخ فِي حق من لم يبلغهُ فَإِذا بلغه اتّصف حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ نَاسِخا فِي حَقه، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنه نَاسخ فِي حَقه قبل أَن يبلغهُ على شَرط أَن يبلغهُ كَمَا أَن الْأَمر أَمر للمعدوم على شَرط الْوُجُود.
[1319] وَهَذَا رَاجع إِلَى اخْتِلَاف فِي الْعبارَة فَإِن الْفَرِيقَيْنِ صَارُوا إِلَى أَنه مُخَاطب بِحكمِهِ الأول وَمَا يبدر مِنْهُ على الْقَضِيَّة الأولى فَهُوَ حكم الله تَعَالَى.
فَإِذا قد اتفقنا على ذَلِك ثمَّ اتفقنا على أَنه إِذا بلغه النَّاسِخ يتبدل عِنْد بُلُوغه التَّكْلِيف عَلَيْهِ فقد تقرر رُجُوع الِاخْتِلَاف إِلَى عبارَة، وَإِنَّمَا الْخلاف الْحَقِيقِيّ مَعَ الَّذين قدمنَا ذكرهم حَيْثُ قَالُوا: إِن الحكم يرْتَفع عَمَّن لم [145 / ب] يبلغهُ النَّاسِخ وَقد / أَشَرنَا إِلَى وَجه الرَّد عَلَيْهِم.