نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} .
قَالُوا: ويقوى الدَّلِيل عَلَيْكُم من هَذِه الْآيَة إِذا قُلْتُمْ إِن النّسخ وَإِن صدر عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ على الْحَقِيقَة بِكَلَام الله، فَكَلَامه النَّاسِخ عنْدكُمْ، وَحكم كَلَامه الْمَنْسُوخ، وَالْآيَة دلّت على أَن الرب تَعَالَى لَا ينْسَخ آيَة من الْقُرْآن، إِلَّا أَتَى بِمِثْلِهَا، وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك فِي صُورَة الْخلاف، فَإِن لفظ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكون مثل الْقُرْآن، الْجَواب عَن ذَلِك ان نقُول: معنى قَوْله تَعَالَى: {مَا ننسخ من ءاية أَو ننسها} مَا ننسخ من حكم آيَة، لما قدرناه من أَن النّسخ إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الْأَحْكَام دون نفس الْقُرْآن، وَكَأن الرب تَعَالَى قَالَ: مَا ننسخ من حكم آيَة إلانأت بِحكم خير مِنْهُ للمكلفين، أَو مثله فِي الصّلاح والإفضاء إِلَى الثَّوَاب، وَهَذَا إِذا حققته كَفاك مُؤنَة الْقَوْم.
[1294] قد ذكرنَا جَوَاز نسخ الْقرَان بِالسنةِ ثمَّ ذكرنَا أَن الْأَصَح وُرُود ذَلِك، وَقَالَ ابْن سُرَيج يَصح ذَلِك عقلا، وَلَا يمْنَع شَيْء مِنْهُ سمعا وَلَكِن لم يتَّفق وُقُوعه.