[1286] وَالدَّلِيل على جَوَاز نسخ الْقرَان [بِالسنةِ] كل مَا قدمْنَاهُ فِي الدَّلِيل فِي اصل النّسخ فَإِنَّهُ يدل على تَجْوِيز النّسخ فِي الْمُخْتَلف فِيهِ وَالَّذِي يجب التعويل عَلَيْهِ أَن نقُول قد ثَبت عندنَا قطعا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحكم بِحكم من تِلْقَاء نَفسه فِيهِ بِرَأْيهِ، وَإِنَّمَا يَقُول مَا يَقُول عَنهُ ربه وَحيا وإلهاما، وَمن جوز الِاجْتِهَاد على الرُّسُل فَإِنَّمَا يؤديهم اجتهادهم إِلَى الْعلم بِأَمْر الله بِلَا استرابة، بِخِلَاف اجتهادنا فِي المجتهدات، فَخرج من ذَلِك أَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مبلغ عَن ربه، وَأَن الْأَمر على الْحَقِيقَة لله سُبْحَانَهُ، فَإِذا ثَبت حكم بِآيَة تتلى من كتاب الله تَعَالَى، ثمَّ أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بارتفاع ذَلِك الحكم، فَإِنَّمَا يخبر عَن الله، كَمَا أَن الْعبارَات عَن الْقُرْآن تنبيىء عَن كَلَام الله تَعَالَى فيؤول محصول الْكَلَام إِلَى أَن ذَلِك نسخ حكم ثَبت بِكَلَام الله غير ان توصلنا إِلَى معرفَة كَلَام الله تَعَالَى فِي أحد الْحكمَيْنِ متلو بِهِ وتوصلنا إِلَيْهِ فِي النَّاسِخ بِلَفْظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهَذِهِ دلَالَة قَاطِعَة.
[1287] شُبْهَة المانعين بنسخ الْقرَان / بِالسنةِ عقلا.
مِمَّا استروحوا إِلَيْهِ أَن قَالُوا لَو نسخ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكما ثَابتا بالقران أفْضى ذَلِك إِلَى أَن ينْسب إِلَى الافتراء وتبديل كَلَام الله تَعَالَى، وَهَذَا يفضى إِلَى مَا يجب تَنْزِيه الرُّسُل عَنهُ.