لما ثَبت أَن الصَّلَاة فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام كَانَت رَكْعَتَيْنِ / رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ الظّهْر [140 / أ] تُقَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ زيد عَلَيْهِمَا أخريان فَصَارَت أَرْبعا فَهَذَا يتَضَمَّن نسخا وَذَلِكَ أَنه تضمن رفعا للْحكم وَذَلِكَ أَن مَا ثَبت فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام اقْتضى صِحَة الرَّكْعَتَيْنِ المفردتين وكونهما عبَادَة تَامَّة ثمَّ اقْتَضَت الزِّيَادَة رفع ذَلِك الحكم وَهُوَ جَوَاز الِاقْتِصَار على رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ ذَلِك ر رفعا لهَذَا، وَقد أنكر مُعظم الْفُقَهَاء من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَغَيرهم كَون ذَلِك نسخا.
[1268] وَالدَّلِيل على النّسخ أَن حَقِيقَة النّسخ رفع الحكم الثَّابِت على الْحَد الَّذِي شرطناه فِي حَقِيقَة النّسخ، وَهَذَا معنى مُتَحَقق فِي الصُّورَة الَّتِي استشهدنا بهَا فَإِنَّهُ ثَبت بِمَا سبق جَوَاز الِاقْتِصَار على رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ ذَلِك رفعا لهَذَا الحكم وصحتها عِنْد الِاقْتِصَار عَلَيْهِمَا، ثمَّ ثَبت أَنه لَو اقْتصر الْمُكَلف عَلَيْهِمَا كَانَ بَاطِلا وَلم تكن عبَادَة، فقد تضمن ذَلِك صَرِيحًا رفع حكم ثَابت، وَلَو لم يكن ذَلِك نسخا لما تصور النّسخ أصلا.