وَقت تَمْيِيزه إِلَى وَفَاة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبلغ سِنِين عدَّة، فَبَطل مَا قَالُوهُ.
وَأما مَا رَوَوْهُ من الْإِرْسَال فِي الحَدِيث والحديثين فمما لَا تقوى بِهِ الْحجَّة فِي مناقشة. إِذْ الدَّلِيل قد دلّ ترك الْإِجْمَاع على الْعَمَل بالمراسيل، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه، وَلم يستقم ادِّعَاء الْإِجْمَاع لنا.
وَإِن قبلنَا مَرَاسِيل الصَّحَابَة واكتفينا فِي تعديلهم لتعديل الله إيَّاهُم فَيَكْفِي مُؤنَة السُّؤَال.
[1143] وَمِمَّا استدلوا بِهِ مَا ذَكرْنَاهُ من خلال اسئلة وَهُوَ أَنهم قَالُوا: إِذا قَالَ الْعدْل: " قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَلَا يجوز إِطْلَاق ذَلِك إِلَّا مَعَ الْعلم الظَّاهِر / باتصال النَّقْل ". فَإِن الَّذِي فِي الْوسط لَو كَانَ معلولا لَكَانَ لَا يَلِيق بِالْعَدْلِ الثِّقَة وَالْحَالة هَذِه إِطْلَاق الِاتِّصَال. وَهَذَا مَا تقصينا عَنهُ، وَبينا أَنه رُبمَا يعْتَقد ذَلِك أحدا بِظَاهِر الْحَال دون الْبَحْث عَن الْعَدَالَة، كَمَا صَار إِلَيْهِ بعض الْعلمَاء، وَرُبمَا مَا يرَاهُ عدلا وَغَيره بجرحه لَو أظهره، وَالْجرْح أولى من الْعَدَالَة، كَيفَ وَقد روى أَن الزُّهْرِيّ وَهُوَ إِمَام الصَّنْعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا كوشف فِيمَن أخبرهُ قَالَ أَخْبرنِي بِهِ رجل على بَاب مَرْوَان لَا أعرفهُ.
[1144] قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: لَا تقبل الْمَرَاسِيل إِلَّا إِذا تجمعت فِيهَا أَوْصَاف وعدها فِي الرسَالَة. وَكلهَا مدخولة عِنْد القَاضِي.
فمما ذكره الشَّافِعِي رَحمَه الله من الْأَوْصَاف أَن يكون الَّذِي رَوَاهُ الْعدْل