مَا يتَحَقَّق التَّجَوُّز فِيهَا وَإِن كَانَ يسْتَدلّ بهَا لعُمُوم استعمالهما، وَذَلِكَ نَحْو الْغَائِط والعذرة وَغَيرهمَا من الْأَسَامِي الْغَالِبَة عرفا فِي الِاسْتِعْمَال وَإِن كنت تعلم أَن الْغَائِط فِي أصل الْوَضع المنخفض من الأَرْض وَيكثر أمثله ذَلِك ثمَّ نقُول: لَيْسَ الْمَعْنى بقولنَا أَن اللَّفْظ مجَاز إِنَّا نستريب فِي اسْتِعْمَاله فِي بَقِيَّة المسميات وَلَكِن محصول قَوْلنَا فِي وَصفنَا إِيَّاه بالمجاز يؤول إِلَى أَنه اسْتعْمل على غير مَا وضع لَهُ فِي أصل اللُّغَة، فَإِن مَوْضُوعه للْعُمُوم، فَإِذا اسْتعْمل على غير معنى الْعُمُوم كَانَ مجَازًا، فَافْهَم ذَلِك.
[620] وَمن الدَّلِيل على وجوب اسْتِعْمَاله إطباق الْعلمَاء قاطبة فَإِنَّهُم مَا زَالُوا مذ كَانُوا يتمسكون بالألفاظ الْعَامَّة الَّتِي دَخلهَا التَّخْصِيص وَلَو تتبعت جملَة أَلْفَاظ الشَّرِيعَة الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ ألفيت كلهَا أَو جلها مخصصة وَلَيْسَ فِي الْعلمَاء من يمْتَنع / عَن الِاسْتِدْلَال بهَا إِمَّا لاعتقاد [73 / أ] الْعُمُوم وَالْقَوْل بِهِ أَو لتقرر قَرَائِن عِنْدهم دَالَّة على الْعُمُوم، هَذِه فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا استدلت على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ادعائها الْمِيرَاث بِعُمُوم قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي اولدكم} ، فَمَا زَالَت الْعلمَاء يستدلون بِهَذِهِ الْآيَة وأمثالها مَعَ تحقق التَّخْصِيص فِيهَا فَإِن الْكَافِر وَالْقَاتِل وَالرَّقِيق ينطبق عَلَيْهِم اسْم الْأَوْلَاد وَلَا يَرِثُونَ فَتبين بذلك حُصُول الِاتِّفَاق على جَوَاز الِاسْتِدْلَال، وَثَبت بِمَا قدمنَا التَّجَوُّز، فَافْهَم فِي هَذِه على الْجُمْلَة.