[613] فَأَما الدَّلِيل على كَونه مجَازًا فَهُوَ أَن الْمجَاز مَا تجوز بِهِ عَن أصل وضع اللُّغَة وَاسْتعْمل عَن غير قَضِيَّة أصل الْوَضع، وَهَذَا يطرد فِي جملَة المجازات على مَا قَرَّرْنَاهُ فِي بَابه وَإِنَّمَا تنفصل الْحَقِيقَة عَن الْمجَاز / بِكَوْنِهَا [72 / أ] مستعملة على اصل الْوَضع من غير تجوز عَنهُ إِلَى غَيره فَإِذا ثَبت ذَلِك فالصيغة الَّتِي فِيهَا الْكَلَام مَوْضُوعَة للْعُمُوم وشمول آحَاد الْجِنْس، فَإِذا تبين أَنَّهَا لَيست بعامة فقد تبين أَنَّهَا اسْتعْملت فِي غير مَا وضعت لَهُ فِي أصل اللُّغَة فَينزل ذَلِك منزلَة استعمالك لفظ الْحمار فِي البليد الأحمق وَلَفظ الْأسد فِي البطل الشجاع إِلَى غير ذَلِك.
[614] فَإِن قيل: إِذا خصص بعض المسميات فاستعمال اللَّفْظَة فِي الْبَاقِي لَيْسَ بمجاز، وَلَكِن إِنَّمَا التَّجَوُّز فِي نفس الشُّمُول، فَلَا مجَاز إِذا فِي بَقِيَّة المسميات، وَإِنَّمَا الْكَلَام مَعَ الذابين عَن هَذَا الْمَذْهَب الَّذين ينصرونه فِي أَن اللَّفْظَة لَيست بمجاز فِي بَقِيَّة الْأَسْمَاء.
قُلْنَا: هَذَا الَّذِي ذكرتموه سَاقِط من الْكَلَام، فَأَما الْمجَاز إِنَّمَا يُطلق على مُسْتَعْمل فِي غير وضع اللُّغَة، وَترك الِاسْتِعْمَال فِي الْمَخْصُوص من مُسْتَعْمل