حمله على التَّخْصِيص فَلَا تستبعدوا مثل ذَلِك فِي الِاسْتِثْنَاء من خصمكم، فَمَا من جملَة من الْآحَاد إِلَّا وَيصِح اسْتِثْنَاؤُهُ، ثمَّ لَا يقتضى ذَلِك اندراج الْكَلَام جمعا تَحت اللَّفْظ فِي وضع اللُّغَة وتفاهم أَهلهَا.
ثمَّ نقُول لَهُم: إِذا قَالَ الْقَائِل: كل إِنْسَان معاقب إِلَّا من آمن وَإِلَّا الْمُؤمنِينَ فَيصح الِاسْتِثْنَاء عَن مثل هَذِه اللَّفْظَة مَعَ مصير أَكْثَرَكُم إِلَى انها لَا تعم، وَإِن صَارُوا إِلَى الْعُمُوم بِلَفْظ كل فنفرض عَلَيْهِم القَوْل فِي قَول الْقَائِل: إِن الْإِنْسَان مُرْتَهن [بصنيعه] إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ.
[586] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم: فَإِن قَالُوا: يَصح تَأْكِيد الْقَوْم وَالنَّاس بِمَا يَقْتَضِي استغراقا وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ إِلَى غير ذَلِك من ضروب التَّأْكِيد، قَالُوا: وَقد قَالَ أهل اللِّسَان: التَّأْكِيد لفق الْمُؤَكّد. ومطابقه، وَمن المستحيل أَن يتَضَمَّن التَّأْكِيد معنى وَلَا ينبىء أصل اللَّفْظ عَنهُ.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك اسْتِحَالَة مول الْقَائِل: رَأَيْت زيدا أَجْمَعِينَ، وَحسن قَوْله رَأَيْت النَّاس أَجْمَعِينَ.
وأطنبوا فِي ذَلِك بِمَا الْقَلِيل مغن عَنهُ.
قُلْنَا: هَذَا الَّذِي ذكرتموه غَفلَة مِنْكُم عَن مَذْهَب الْخصم فَإنَّا لَا نصير
إِلَى أَن هَذِه الْأَلْفَاظ تَتَضَمَّن الِاسْتِغْرَاق وَإِن تَتَابَعَت، فَإِن من أصلنَا أَنه لَيْسَ