ويتبين ذَلِك بالأمثلة أَنه ثَبت اشْتِرَاط الطَّهَارَة عَن الْحَدث والخبث فِي الصَّلَاة شرعا، واقترن الْأَمر بذلك نصا، فَإِذا وَقعت الصَّلَاة فِي صورتهَا مَعَ اختلال شَرط من هَذِه الشَّرَائِط عِنْد تَقْدِير ارْتِفَاع الْأَعْذَار وَكَانَ محرما فَهُوَ فَاسد، وعَلى الْقيَاس يجْرِي فِي الْعُقُود وشروطها وَلَا وَجه فِي حصرها، فَأَما إِيقَاع الصَّلَاة فِي تِلْكَ فَلم ينْطَلق بِهِ أصل من أصُول الشَّرِيعَة، فَقُلْنَا وَإِن وَقعت مُحرمَة فَتَقَع موقع الْإِجْزَاء.
[552] فَإِن قيل: هَذَا الَّذِي ذكرتموه تصرف مِنْكُم فِي مُقْتَضى الْأَلْفَاظ أم لَا؟ .
قُلْنَا: قد قدمنَا فِي صدر الْفَصْل أَن مُجَرّد الْأَلْفَاظ الْمُطلقَة تنبئ عَن شَيْء مِمَّا قلتموه، وَلَكِن سبرنا الْمُحرمَات فِي الشَّرِيعَة فَوَجَدنَا الْحَد الَّذِي ذَكرْنَاهُ حاصرا لَهَا.
[553] فَإِن قيل: فَمَا قَوْلكُم فِيمَن نقل عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي تَحْدِيد الْفَاسِد ((وَهُوَ كل فعل محرم يقْصد بِهِ التَّوَصُّل إِلَى اسْتِبَاحَة مَا جعل الشَّرْع أَصله على التَّحْرِيم)) ؟ .
قُلْنَا: لَعَلَّ ذَلِك لَا يَسْتَقِيم على الأَصْل الَّذِي اخترناه وَأول مَا يدْخل عَلَيْهِ العقد فِي وَقت تضييق الصَّلَاة فَإِن المتلفظ بِالْعقدِ تَارِك لتكبيرة التَّحْرِيم، وَنَفس لَفظه بِالْعقدِ ترك التَّكْبِير، وَترك التَّكْبِير محرم، فَهَذَا محرم يتَوَصَّل بِهِ إِلَى اسْتِبَاحَة الْأَمْلَاك، والأبضاع، وأصولها فِي الشَّرِيعَة، على الْحَظْر وَالْأولَى عندنَا مَا قدمْنَاهُ.