وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن طَائِفَة من المغتصبين كَانُوا ينيبون ويتوبون ويرجعون عَن طغيانهم وعدوانهم فِي زمن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَكَانُوا يتلافون مَا فرط مِنْهُم من الظُّلم بالتدارك، وَلم يُؤثر عَن أحد من الْأَئِمَّة فِي الْعَصْر المنقضية أَنه أوجب على منيب إِعَادَة مَا فرط مِنْهُ من الصَّلَوَات وَهَذَا وَاضح لَا خَفَاء بِهِ، وجاحد ذَلِك يُقَابل بجحد كل إِجْمَاع.
[541] فَإِن قَالَ أَبُو هَاشم: أَلَيْسَ ذهب أَبُو شمر إِلَى إِيجَاب الْقَضَاء؟
قُلْنَا: إِنَّمَا استدللنا عَلَيْهِ بانعقاد الْإِجْمَاع قبل الَّذين نسبتموهم فِي زمن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، ثمَّ هَذَا الرجل الَّذِي سميتموه لم يُوضح كَونه من المتسجمعين للشرائط الْمَذْكُورَة فيعد خِلَافه ويقدح فِي عقد الْإِجْمَاع. فَبَطل مَا قَالُوهُ.
[542] فَإِن قيل: فقد أجمع الْمُسلمُونَ على أَن غير الْمَأْمُور بِهِ لَا يتَأَدَّى بِهِ الْمَأْمُور بِهِ؟
قيل لَهُم: هَذَا تلبيس مِنْكُم فَإنَّا أوضحنا عَلَيْكُم الْإِجْمَاع فِي إِجْزَاء الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة ثمَّ لَو كَانَ لَا يخفى عَلَيْكُم كَونهَا مَعْصِيّة فَكيف خَفِي عَمَّن كَانَ قبلكُمْ فَإِذا ثَبت إِجْمَاعهم على إجزائها مَعَ الْعلم بتحريمها فَأنى يَسْتَقِيم مَعَ ذَلِك ادِّعَاء الْإِجْمَاع على الْجُمْلَة فِي أَن الْمحرم لَا تقع