نعتصم على الْخُصُوم بِإِجْمَاع من سلف على مَا سنوضحه وَهُوَ يُفْضِي إِلَى الْقطع فَالْأولى بِنَا أَن نبدأ بشبه الْقَوْم والتقصي عَنْهَا.
[524] فَإِن قَالُوا: اتفقنا على أَن مَا يكون مَعْصِيّة يَسْتَحِيل أَن يكون طَاعَة وحققوا ذَلِك بِأَن من عصى الله تَعَالَى بِفعل يَسْتَحِيل أَن يكون مُطيعًا لَهُ بِعَين مَا عَصَاهُ بِهِ وَمَعْلُوم أَن قِيَامه فِي صلَاته، وقعوده وتقلبه فِيهَا من ركن إِلَى ركن أكوان تقوم بِهِ فِي دَار مَغْصُوبَة والأكوان الْحَادِثَة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة باغتصابه وتعد مِنْهُ، وَلَو قدر قَاعِدا، أَو قَائِما غير مصل كَانَ عَاصِيا بقعوده فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وشغله قطرا مِنْهَا وقعوده فِي الصَّلَاة هُوَ جنس قعوده فِي غير الصَّلَاة، وَالْقعُود فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة محرم.
وأوضحوا ذَلِك فِي جملَة مَا يبدر عَن حركاته وسكناته فِي صلَاته فَإِذا ثَبت أَنَّهَا مُحرمَة فالمحرم كَيفَ يَقع طَاعَة مَأْمُورا بهَا.
وحققوا ذَلِك بِأَن قَالُوا: أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الصَّلَاة لَا تصح إِلَّا بنية التَّقَرُّب فِيمَا حرم الله، وَرُبمَا يفرضون هَذَا الْكَلَام فِي نِيَّة الْوُجُوب فِيمَا يتَحَقَّق الْحَظْر فِيهِ فَهَذِهِ شبهتهم وإليها يؤول جملَة كَلَامهم.