[465] فَإِن قيل: فالامتثال لَا يَقع إِلَّا مَعَ الْإِمْكَان، فَلَا فَائِدَة فِي تَقْيِيد الْخطاب بِهِ، وَهَذَا كَمَا أَن الْفِعْل لَا يَقع إِلَّا عرضا، فَلَا جرم لَا فَائِدَة فِي أَن يَقُول الْآمِر افْعَل إِن فعلك عرضا.

قيل لَهُم: هَذَا الاستشهاد مِنْكُم بَاطِل، وَذَلِكَ أَنا لَا نجوز أَن يثبت الْوُجُوب ثمَّ لَا يَدُوم وَإِذا لم يتَحَقَّق الْإِمْكَان فلسنا نسلم لكم توقف أصل الْوُجُوب على الْإِمْكَان، ثمَّ نقُول لَو صَحَّ مَا قلتموه وَجب أَن لَا تجوزوا من الْوَاحِد منا يُقيد أمره بدوام وصف الْإِمْكَان جَريا على مَا مهدتموه.

[466] فَإِن قَالُوا: إِنَّمَا حسن منا ذَلِك لجهلنا بِمَا يكون.

قُلْنَا: وَإِن جهلنا مَا يكون فَلَا نجهل أَن يكون الِامْتِثَال لَا يَقع إِلَّا مَعَ الْإِمْكَان، فَلَا فَائِدَة فِي ذكره على مُوجب قَوْلكُم ثمَّ نقُول: إِذا ورد القَوْل فِي بَقَاء صِفَات التَّكْلِيف والإمكان فَيمكن أَن يقْصد بذلك ابتلاء الْمُكَلف وامتحانه فِي توطين النَّفس على الِامْتِثَال، والعزم عَلَيْهِ، أَو الاضراب عَنهُ.

فَلَمَّا كَانَ هَذَا سَبيله حسن تردد القَوْل فِيهِ وَأما كَون الْفِعْل عرضا فَلَيْسَ مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ غَرَض فِي امتحان الْمُكَلف بِالطَّاعَةِ والعصيان، فافترق البابان. وَالله الْمُوفق للصَّوَاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015