هَذَا الحكم لَا يخْتَلف بِإِسْنَاد الْإِيجَاب إِلَى عقل وَسمع وكما يشْتَرط بَقَاؤُهُ فِي تَحْقِيق الْوُجُوب الْعقلِيّ، وَمَا ذكرتموه ضرب من الْوُجُوب فَكَمَا لزمكم فِي الأَصْل عِنْد التشكك فِي الْإِيجَاب إِلَّا بعزم فيلزمكم فِي عين مَا قلتموه مثله، وَهَذَا مَا لَا محيص عَنهُ.

[457] وَتمسك القَاضِي رَضِي الله عَنهُ بنكتة أُخْرَى فَقَالَ: أجمع الْفُقَهَاء على من تلبس بِالصَّلَاةِ وَهُوَ مستريب فِي وُجُوبهَا فَلَا تَنْعَقِد، وَإِنَّمَا تَنْعَقِد صلَاته إِذا نوى وُجُوبهَا جزما أَو نوى مَا يقوم مقَام نِيَّة الْوُجُوب وَلَا معنى لجزم النِّيَّة على أصلهم مَعَ مَا قدمْنَاهُ من مَذْهَبهم، وَهَذَا وَإِن أمكن تَقْرِيره فالاعتماد على مَا قدمْنَاهُ.

[458] فَإِن قَالُوا: ألستم وافقتمونا على اسْتِحَالَة القَوْل بِوُجُوب الِامْتِثَال مَعَ الْمَوَانِع عَنهُ؟ فَإِذا كَانَت الْمَوَانِع غير مَأْمُونَة وَلم يعلم انتفاؤها مَقْطُوعًا بِهِ فِي الْمِثَال وَجب أَن لَا يكون الْوُجُوب مَقْطُوعًا بِهِ أَيْضا.

وَهَذَا لعمري شُبْهَة مخيلة فَأول مَا يتَمَسَّك بِهِ فِي الْجَواب أَن نقُول: توجه الْأَمر على الْمُكَلف يتَحَقَّق فِي الْحَال وَلَيْسَ فِي ثُبُوت الْأَمر وجوده مُتَعَلقا بالمأمور شرطا، وَإِنَّمَا الشَّرْط فِي دوَام الْوُجُوب على الْمَأْمُور فَلم يرجح الشَّرْط إِذا إِلَى تعلق الْأَمر، وَإِنَّمَا رجح إِلَى بَقَاء الْوُجُوب على الْمَأْمُور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015