1504 - فَأَما من قَالَ: يتَصَوَّر الْإِجْمَاع على الْقيَاس الْوَاحِد، وَمنع كَونه حجَّة، فَكَذَا اسْتدلَّ بطرق:
مِنْهَا: أَن القائسين فِي الشَّرِيعَة مجمعون على أَن كل قِيَاس مستنبط لَا يقطع بِهِ. فَكيف يتَصَوَّر كَون الْإِجْمَاع حجَّة قَاطِعَة، مَعَ اتِّفَاق القائسين على أَن الأقيسة لَا تُؤدِّي إِلَى الْعلم وَالْقطع! ؟
قُلْنَا: هَذَا الَّذِي ذكرتموه، تلبيس مِنْكُم. وَذَلِكَ أَنا لَا نقطع بِمُقْتَضى الْقيَاس الْوَاحِد، إِذا لم يجْتَمع عَلَيْهِ أهل الْإِجْمَاع، وَأما إِذا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ وَقَطعُوا بِكَوْنِهِ حجَّة، فَلَا نسلم مَعَ ذَلِك التَّرَدُّد فِيهِ.
على أَنا نقُول: الْقيَاس يُفْضِي إِلَى وجوب الْعَمَل. وَإِن كَانَ لَا يفضى إِلَى الْعلم. وَنحن " أثبتنا " تصور الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل قطعا. وَهَذَا وَاضح فِي رد مَا قَالُوهُ.
1505 - وَمِمَّا عولوا عَلَيْهِ أَن قَالُوا: مهما أَجمعُوا على حكم صادر عَن قِيَاس، فقد سوغوا الِاجْتِهَاد فِيهِ، وَجعلُوا للاعتبار مجالاً فَلَو أَوجَبْنَا الِاقْتِصَار على مَنْهَج وَاحِد فِي الْقيَاس، مَعَ إِجْمَاعهم على أَن " للاعتبار " وَالنَّظَر فِيهِ مجالاً، كَانَ ذَلِك خلاف مُقْتَضى الْإِجْمَاع.
فَنَقُول: أَرَأَيْتُم لَو أَجمعُوا على قِيَاس وَاحِد، وَزَعَمُوا أَنه الدَّلِيل دون مَا عداهُ، فَكيف يتَحَقَّق مَعَ هَذَا التَّصْوِير، تسويفهم بجملة طرق