قَالُوا: فسوغ عَليّ رَضِي الله عَنهُ الْخلاف بعد الْإِجْمَاع.
قُلْنَا: لم ينْقل عَليّ رَضِي الله عَنهُ، إِجْمَاع الصَّحَابَة، وَلكنه نقل مَذْهَب أبي بكر وَعمر، فاتضح سُقُوط استدلالهم.
1444 - وَمِمَّا استدلوا بِهِ: قَوْله تعالي: {وَكَذَلِكَ جعلنكم أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} ، قَالُوا: وَجه الدَّلِيل من ذَلِك، أَنه تَعَالَى أثبت الْأمة شُهَدَاء على غَيرهَا، وَلم يَجْعَلهَا شاهدة على نَفسهَا. فَدلَّ ذَلِك على إِن إِجْمَاع كل عصر حجَّة على أهل الْعَصْر الَّذِي يَلِيهِ، وَلَيْسَ بِحجَّة فِي ذَلِك الْعَصْر بِعَيْنِه.
قُلْنَا: التَّمَسُّك بِهَذِهِ الْآيَة فِي حكم الْإِجْمَاع، فِيهِ نظر: إِذْ أَرْبَاب التَّأْوِيل متفقون على أَن المُرَاد بِالْآيَةِ، شَهَادَة هَذِه الْأمة على سَائِر الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة.
وَالَّذِي يُوضح ذَلِك: قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا} فَجمع بَين كَونهم شَهِيدا وَبَين كَون الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] شَهِيدا، وَإِنَّمَا يجْتَمع ذَلِك فِي الْقِيَامَة.
ثمَّ لَيْسَ فِي الْآيَة تعمد كَونهم شُهَدَاء [على] أنفسهم، إِلَّا على طَرِيق التَّمَسُّك بِدَلِيل الْخطاب.