قدمْنَاهُ وَإِنَّمَا يثبت سمعا. والطرق الَّتِي يتَوَصَّل بهَا إِلَى إِثْبَات الْإِجْمَاع مضبوطة. وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا مَا يتَضَمَّن اشْتِرَاط الانقراض. فَلَو سَاغَ اشْتِرَاطه عَن غير دلَالَة قَاطِعَة من جِهَة السّمع، لساغ تَخْصِيص الْإِجْمَاع، تصورا بِبَعْض مسَائِل الْفُرُوع، حَتَّى يُقَال: إِنَّمَا تقوم الْحجَّة بِالْإِجْمَاع فِي مسَائِل الْمُعَامَلَات دون مسَائِل الْعِبَادَات! فَلَمَّا لم يكن إِلَى ذَلِك سَبِيل، تبين مَا قُلْنَاهُ.
وإيضاحه: أَن من الْأَدِلَّة على الْإِجْمَاع، الْآيَة الَّتِي قدمنَا ذكرهَا، وَهِي قَوْله تَعَالَى: {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} . وَهَذَا لَا تَخْصِيص [فِيهِ] بالانقراض، فِي منظومه وَمَفْهُومه، وَكَذَلِكَ طرق الْأَخْبَار الَّتِي استدللنا بهَا، لَا تنبئ عَن شَيْء فِي ذَلِك.
وَرُبمَا يتمسكون بآي وأخبار، لَيْسَ فِيهَا معتصم، على مَا سَنذكرُهُ فِي شبههم.
1432 - وَمِمَّا نستدل بِهِ أَيْضا، أَن نقُول: المجمعون لَا يتَحَقَّق اتِّفَاقهم [بعد انقراضهم] . وَإِنَّمَا يتَحَقَّق اتِّفَاقهم بإجماعهم فِي حياتهم. والانقراض يخرجهم عَن اعْتِقَاد / الْإِجْمَاع. فَإِذا كَانُوا مصرين ثابتين على مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ، فَهَذِهِ الْحَالة أولى بِنِسْبَة الْمذَاهب إِلَيْهِم مِنْهُ إِذا انقرضوا.
1433 - فَإِن قَالُوا: أمنا رجوعهم، وَلَيْسَ كَذَلِك مَا داموا أَحيَاء. فَإنَّا لَا نَأْمَن رجوعهم.