الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ قَبْلَهُ، وَهُوَ وَاهٍ جِدًّا لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ لِوُجُوبِهِ.

1535 - (5) - بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» . وَفِي لَفْظٍ: «وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءِ إلَّا مِنْ حَدَثٍ» . وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، وَالْمَشَقَّةَ إنَّمَا تَلْزَمُ عَنْ الْوَاجِبِ، فَكَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوَّلًا، ثُمَّ نُسِخَ إلَى السِّوَاكِ، وَالْوَجْهُ الَّذِي حَكَاهُ أَوْضَحُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي» وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا: «أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ» .

قَوْلُهُ: كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ وَيُغَيِّرَهُ، أَوْ يَعْتَرِضَ، بِأَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ لَزِمَهُ تَغْيِيرُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِلْخَوْفِ لِثُبُوتِ الْعِصْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَرَّ عَلَى الْمُنْكَرِ لَاسْتُفِيدَ مِنْ تَقْرِيرِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

1536 - (6) - قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ يُشِيرُ إلَى الْآيَةِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ، أَوْ إلَى مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْرَسُ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ الْقُبَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا، فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ» . وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيّ لِلْمَسْأَلَةِ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ: «مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015