علم الحديث علم جليل وفريد اختص اللَّه سبحانه به الأمة الإسلامية من أجل تثبيت دينها وصيانتها من الانحراف والضياع.
فالحديث: أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وتقريراته، والسنة: أفعال الرسول وصفاته زيادة على أقواله وتقريراته.
والمتواتر من الحديث من بلغ رواته كثرة يستحيل تواطؤهم على الكذب، والآحاد خبر الواحد لا ينطبق عليه حد التواتر، فإن رواه اثنان عن اثنين فهو مشهور، وإن ثلاثة أو أربعة عن مثلهم إلى آخرين فهو مستفيض.
والجمهور على أن المتواتر يفيد العلم ضرورة، وخالف في إفادته العلم مطلقاً السمتيَّة والبراهمة.
وخالف في إفادته العلم الضروري- الكعبي، وأبو الحسين من المعتزلة، وإمام الحرمين من الشافعية؛ وقالوا: إنه يفيد العلم نظراً.
وذهب المرتضى من الرافضة، والآمدي من الشافعية إلى التوقف في إفادته العلم، هل هو نظري، أم ضروري؟.
وقال الغزالي: إنه من قبيل القضايا التى قياساتها معها، فليس أولياً وليس كسبياً.
وحجة الجمهور: أنه ثابت بالضرورة، وإنكاره بهت ومكابرة، وتشكيك في أمر ضروري، فإنا نجد من أنفسنا العلم الضروري بالبلدان النائية والأمم الخالية، كما نجد العلم بالمحسوسات، لا فرق بينها فيما يعود إلى الجزم، وما ذاك إلا بالإخبار قطعاً.
ولو كان نظرياً، لافتقر إلى توسط المقدمتين في إثباته، واللازم باطل؛ لأننا نعلم قطعاً علمنا بالمتواترات، من غير أن نفتقر إلى المقدمات وترتيبها، ولو كان نظرياً، لساغ الخلاف فيه؛ ككل النظرياًت، واللازم باطل؛ فثبت أن المتواتر يفيد العلم، وأن العلم به ضروري كسائر الضروريات.
وخبر الواحد الصحيح يفيد الظن الغالب فإن تلقاه المسلمون وأهل الحديث بالقبول فهو العلم اليقيني، ويجزم بأنه صدق، ويجب العمل به كالمتواتر سواء في العقائد أو العبادات أو المعاملات، وإنكاره إثم لقوله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة