الزائغين، وانتحال المبطلين، بيد أن الأولى ما سلكه السلف1، ولقد أنجبت المدرسة المحمدية على مر الأزمان والعصور تلاميذ ذكرهم الله بعد تلاميذه المقربين وأتباعهم المخلصين فقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة الحشر: 10] .
أما المصنفون في علم الحديث فقد رتبوا الرواة من حيث القبول والرد إلى طبقات خمس:
الطبقة الأولى: الثبت الحافظ الورع المتقن والجهبذ الناقد للحديث. فهذا لا يختلف فيه أو عليه. يعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بأحاديثه وكلامه في الرجال.
الطبقة الثانية: العدل في نفسه، الثبت فى روايته، الصدوق في نقله، والورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه؛ فذلك العدل الذي يحتج بحديثه، ويوثق في نفسه.
الطبقة الثالثة: الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً، وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا بحديثه2.
الطبقة الرابعة: الصدوق الورع المغفل "كثير النسيان" الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحرام والحلال.
الطبقة الخامسة: والخامس بعد هؤلاء من ألصق نفسه بهم وليس منهم وليس من أهل الصدق والأمانة ظهر للنقاد والعلماء بالرجال أولي المعرفة متهم بالكذب سماه الله بالزنيم "والزنمة قطعة بارزة في الجسم وليست منه" فهو مناع للخير "معتد أثيم "، فإن الروايات التي يذكرها هؤلاء المندسون من الزنادقة والملاحدة لم يذكروا سندها ولا أسندوها إلى أحد من المخرجين، وقبول الحديث الذي لا سند له ليس من شأن أولي الألباب وأرباب العقول وذوي الحجا، لذلك كان لا بد من تحقيق أحوال الوسائط وتشخيصهم وكشف عدالتهم ليكتسب الحديث صفة القبول أو الرد وبدون ذلك فالإستناد به والتعويل عليه لا يليق بمن له أدنى خبرة بهذا الفن.
وخلاصة المرام في تحقيق المقام: أن الأمور الدينية بأسرها محتاجة إلى بروز سندها،