سرد ابن عدي في مقدمة "كامله" منهم خلقاً إلى زمنه1 وفي عنوان هذا الفصل قال: "ذكر من استجاز تكذيب من تبين كذبه من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين إلى يومنا هذا رجلاً عن رجل".

قال العلامة الشيخ أبو غدة: وقول ابن عدي من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين متعلق بمن استجاز لا بمن تبين كذبه؛ إذ الصحابة كلهم عدول والتابعون أكثرهم ثقات.

وذكر ابن عدي رهطاً من الصحابة، وسرد من التابعين عدداً لم يظهر ضعف فيهم إلا الواحد بعد الواحد كالحارث الأعور والمختار الثقفي الكذاب.

فلما مضى القرن الأول ودخل الثاني كان في أوائله من أوساط التابعين جماعة من الضعفاء الذين ضعفوا غالباً من قبلهم وضبطهم للحديث، فتراهم يرفعون الموقوف ويرسلون كثيراً، ولهم غلط كأبي هارون العبدي2.

فلما كان عند آخر عصر التابعين تكلم في التوثيق والتجريح طائفة من الأئمة هم: أبو حنيفة الأعمش، وشعبة وغيرهم تكلم بعضهم في تكذيب البعض، وتحدث بعضهم في التضعيف والتوثيق، ونظر بعضهم في الرجال، وكان هؤلاء متثبتين لا يكادون يروون إلا عن ثقات.

وقد قسم الحافظ الذهبي من تكلم في الرجال أقساماً:

قسم تكلم في الرواة جميعهم كابن معين وأبي حاتم.

وآخر تكلم في كثير من الرواة كمالك وشعبة.

وثالث تكلم في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي. وهذا الكل على ثلاثة أقسام أيضاً:

متعنت في الجرح متثبت في التعديل يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث.

فهذا الصنف إذا وثق شخصاً فعض عليه بنواجذك وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلاً فانظر ها هناك من شاركه في تضعيفه، فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فارجع إلى قولهم: لا يقال فيه الجرح إلا مفسراً "يعني مبيناً سبب تضعيفه" حيث لا يكفي قول ابن معين مثلاً هو ضعيف من غير بيان السبب ثم يجيء البخاري وغيره فيوثقونه.

قال الحافظ الذهبي: لم يجتمع اثنان "أي من طبقة واحدة" من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة، اهـ3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015