وَأَمَّا تَضْعِيفُ ابْنِ حَزْمٍ لِمِقْسَمٍ فَقَدْ نُوزِعَ فِيهِ
وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ1 فِي "الْعِلَلِ": سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُوقِفْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُسْنِدْهُ وَأَمَّا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ أَسْنَدَهُ وَحَكَى عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ أَسْنَدَهُ لِي الْحَكَمُ مَرَّةً وَوَقَفَهُ مَرَّةً وَبَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ2 فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ شُعْبَةَ رَجَعَ عَنْ رَفْعِهِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا وَقَالَ شُعْبَةُ أَمَّا حِفْظِي فَمَرْفُوعٌ وَأَمَّا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالُوا: غَيْرُ مَرْفُوعٍ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتًا لَأَخَذْنَا بِهِ انْتَهَى
وَالِاضْطِرَابُ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ كَثِيرٌ جِدًّا
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ3 قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلٌ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ مَرْفُوعٌ لَكِنَّ الذِّمَمَ بَرِيئَةٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْحُجَّةُ بِشَغْلِهَا
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ الْكَفَّارَةَ بِاضْطِرَابِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ الذِّمَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ فِيهَا شَيْءٌ لِمِسْكِينٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ لَا مَدْفَعَ فِيهِ وَلَا مَطْعَنَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ أَمْعَنَ ابْنُ الْقَطَّانِ الْقَوْلَ فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْجَوَابُ عَنْ طُرُقِ الطَّعْنِ فِيهِ بِمَا يُرَاجَعُ مِنْهُ
وَأَقَرَّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ تَصْحِيحَ ابْنِ الْقَطَّانِ وقواه في الإمام وَهُوَ الصَّوَابُ فَكَمْ مِنْ حَدِيثٍ قَدْ احْتَجُّوا بِهِ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي هَذَا كَحَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَفِي ذَلِكَ مَا يَرُدُّ عَلَى النَّوَوِيِّ4 فِي دَعْوَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْقِيحِ وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ كُلَّهُمْ خَالَفُوا الْحَاكِمَ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ الْحَقّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِهِمْ وَتَبِعَ النَّوَوِيَّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ