الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ، وَلَمْ يَتُبْ، الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ، أَنَا سُفْيَانُ، سَمِعَتْ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ لَا تَجُوزُ، فَأَشْهَدُ لَقَدْ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لأبي بكرة: تب نقبل شَهَادَتُك، أَوْ: "إنْ تُبْت قَبِلْت شَهَادَتَك"، قَالَ سُفْيَانُ: سَمَّى الزُّهْرِيُّ الَّذِي أَخْبَرَهُ، فَحَفِظْته وَنَسِيته، وَشَكَكْت فِيهِ، فَلَمَّا قُمْنَا سَأَلْت مَنْ حَضَرَ، فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْت: فَهَلْ شَكَكْت فِيمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: لَا، هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ عَنْ سَعِيدٍ بِلَا شَكٍّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِالْجَزْمِ.
وأما قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَرْوُونَ عَنْهُ وَلَمْ يَتُبْ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ أَبَى أَنْ يَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: جَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا بَكْرَةَ، وَنَافِعًا، وَشِبْلًا، ثُمَّ اسْتَتَابَ نَافِعًا وَشِبْلًا فَتَابَا، فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَاسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فَأَبَى، وَأَقَامَ، فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ، وَكَانَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمِ الْأَفْطَسِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرَةَ إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ لِيُشْهِدَهُ، قَالَ: أَشْهِدْ غَيْرِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وكانت الصحابة يرون عَنْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَسَانِيدِ عَلَى رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَأَكْبَرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ: "مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ من بعده: أن لا تُقْبَلَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ"، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا، وَزَادَ "وَلَا فِي النِّكَاحِ، وَلَا فِي الطَّلَاقِ"، وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ "الْخَرَاجِ" عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ بِهِ1.
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا و"مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَلِيهِ غَيْرُهُنَّ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: "فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ"2، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ، مِنْ ولادات