"السُّلْطَانِ لَهُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: "اجْتَمَعْت أَنَا وَنَفَرٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ رَحَلْنَا إلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ اسْتَشَرْنَا أُمَّنَا عَائِشَةَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَذَكَرْنَا لَهَا الْعِيَالَ وَالدَّيْنَ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا لِلنَّاسِ بُدٌّ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، قُلْنَا: إنَّا نَخَافُ أَنْ يَسْتَعْمِلَنَا، قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ خِيَارَكُمْ، يَسْتَعْمِلْ شِرَارَكُمْ".
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ، أَلَهُ تَوْبَةٌ؟ فَقَالَ مَرَّةً: لَا، وَقَالَ مَرَّةً: نَعَمْ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْت فِي عَيْنَيْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْقَتْلَ فَقَمَعْته، وَكَانَ الثَّانِي صَاحِبَ وَاقِعَةٍ يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ"، ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ؟ قَالَ: لَا، إلَى النَّارِ، فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا هَكَذَا كُنْت تَفْتِينَا، فَمَا بَالُ هَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: إنِّي أَحْسَبُهُ مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا، قَالَ: فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ، فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ"1، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ إذَا سُئِلُوا عَنْ الْقَاتِلِ، قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ، وَإِذَا اُبْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ.
وَفِي الْمَعْنَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإِذَا الَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ"2.
قَوْلُهُ: "كَانَ الصَّحَابَةُ يُحِيلُونَ فِي الْفَتَاوَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّنْزِيلَ، وَيَحِيدُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ"، ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ والرامهرمزي مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ؛ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: "لَقَدْ أَدْرَكْت فِي هَذَا الْمَسْجِدِ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُحَدِّثُ إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ، ولا يسئل عَنْ فُتْيَا إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْفُتْيَا".
وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قُلْت لِلشَّعْبِيِّ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ إذَا سُئِلْتُمْ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْت، كَانَ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ قَالَ لِصَاحِبِهِ: أَفْتِهِمْ، فَلَا يَزَالُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْأَوَّلِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فِي "أَدَبِ الْمُحَدِّثِ" مِنْ هَذَا لوجه.