رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَرَوَى فِي الدَّلَائِلِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَعُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: "فَكَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ سَنَتَيْنِ"، وَقَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ وَقَعَتْ هَذَا الْقَدْرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا أَصْلُ الصُّلْحِ فَكَانَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، قَالَ: وَرَوَاهُ عَاصِمٌ الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ"، وَعَاصِمٌ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِهِ الْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: "وَحَكَى عَنْ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي الْإِسْلَامِ كَصُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ"، إمَّا الشَّعْبِيُّ وَإِمَّا غَيْرُهُ، فَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ فَتْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُطَوَّلًا.
1927- حَدِيثُ: "أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا بَلَغَهُ تَأَلُّبُ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعُ الْأَحْزَابِ، قَالَ لِلْأَنْصَارِ: إنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَهَلْ تَرَوْنَ أَنْ نَدْفَعَ إلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ قُلْت عَنْ وَحْيٍ فَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ قُلْت عَنْ رَأْيٍ فَرَأْيُك مُتَّبَعٌ؛ كُنَّا لَا نَدْفَعُ إلَيْهِمْ تَمْرَةً إلَّا بِشِرًى أَوْ قِرًى، وَنَحْنُ كُفَّارٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَسُرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمْ"، ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَإِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، وَهُمَا قَائِدَا غطفان، فأعطاهما ثلث تمار الْمَدِينَةِ؛ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا الصُّلْحُ، وَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ، فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ بَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَاسْتَشَارَهُمَا فِيهِ، فَذَكَرَهُ مُطَوَّلًا1.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُثْمَانَ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ الْغَطَفَانِيُّ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يا محمد، شاطرنا تمر الْمَدِينَةِ، قَالَ: "حَتَّى أَسْتَأْمِرَ السُّعُودَ، فَبَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَسَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَسَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ ... "، الْحَدِيثَ2. وَفِيهِ حَسَّانُ بْنُ الْحَارِثِ3،