وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَمِائَةٍ"1.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لَابْن أَخُتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ: لَا تَدَعُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا2، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ سَاقَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي تَفْصِيلَ أَمْرِ فَدْيِ أَسْرَى بَدْرٍ، فَشَفَى وَكَفَى3.
1879- قَوْلُهُ: "وَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ"، أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: "لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مكة في فدى أساراهم، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا، كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: "إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا"، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَأَطْلَقُوهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهَا"، لَفْظُ أَحْمَدَ4.
1880- قَوْلُهُ: "وَمَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ"، مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ: فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَاذَا عِنْدَك يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عِنْدِي خَيْرٌ، إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْت تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْت ... " وَفِيهِ أَطْلَقُوا ثُمَامَةَ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ5.
1881- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْض} [لأنفال: 67] أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي الْمُسْلِمِينَ قِلَّةٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا فِي الْأَسَارَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] فَجَعَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْخِيَارِ فِيهِمْ، إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ، وإن شاؤوا اسْتَعْبَدُوهُمْ،