الْأَمْوَالِ"، وَاحْتَجَّ لَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ؛ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي"1، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ.

قُلْت: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ: لِأَنَّ أُحُدًا كَانَتْ فِي شَوَّالٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ طُعِنَ فِي الرَّابِعَةَ عَشْرَ، وَفِي الْخَنْدَقِ اسْتَكْمَلَ الْخَامِسَةَ عَشْرَ، فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي أُحُدٍ فِي نِصْف الرَّابِعَةَ عَشْرَ مَثَلًا، فَلَا يَسْتَكْمِلُ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَّا أَثْنَاءَ سَنَةِ خَمْسٍ، إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ مَا جَزَمُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ.

تَنْبِيهٌ: صَحَّحَ الْحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَنَّ غَزْوَةَ "الْمُرَيْسِيعِ" كَانَتْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، وَأَمَّا ابْنُ دِحْيَةَ فَصَحَّحَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ.

وَأَمَّا غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فَتَبِعَ فِيهِ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ غَلَطٌ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ2، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّلْقِيحِ"، وَالنَّوَوِيُّ فِي "الرَّوْضَةِ" وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَانَتْ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ.

فَائِدَةٌ: كَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي السَّابِعَةِ، فَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَنَقَلَ ابْنُ الطَّلَّاعِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَهُوَ نَقْلٌ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَمَّا فَتْحُ "مَكَّةَ" فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ.

وَأَمَّا غَزْوَةُ تَبُوكَ: فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَغَازِي، وَكَانَ فِي رَجَبٍ، وَخَالَفَ الزَّمَخْشَرِيُّ فَذَكَرَ فِي "الْكَشَّافِ" فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْعَاشِرَةِ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا جَمِيعُ مَا غَزَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ غَزَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ غَزَوَاتٍ أُخْرَى، لَكِنْ غَالِبُهَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ قِتَالٌ، فَمِمَّا قَاتَلَ فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015