يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَأْتُونَ النِّسَاءَ إلَّا عَلَى حَرْفٍ وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يُشَرِّحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ وَقَالَتْ إنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ إلا فَاجْتَنِبْنِي فَسَرَى أَمْرُهُمَا حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أَيْ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ1.

وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ نَا عَفَّانُ نَا وُهَيْبٌ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ دَخَلْت عَلَى حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْت إنِّي سَائِلُك عَنْ أَمْرٍ وأنا أستحيي أَنْ أَسْأَلُك قَالَتْ فَلَا تستحيي يَا ابْنَ أَخِي قَالَ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ إنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِي نِسَاءِ الْأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ فَأَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا وَقَالَتْ لن نفعل ذَلِكَ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحْيَتْ الْأَنْصَارِيَّةُ أَنْ تَسْأَلَهُ فَخَرَجَتْ فَحَدَّثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ فقال ادع الْأَنْصَارِيَّةَ فَدُعِيَتْ فَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةَ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} صِمَامًا وَاحِدًا2.

تَنْبِيهٌ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الْمَرْأَةِ تُؤْتَى فِي دُبُرِهَا فَقَالَ إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ اسْقِ حَرْثَك مِنْ حَيْثُ نَبَاتُهُ3 كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ حَيْثُ شئت وكذا رواه أبو الْفَضْلُ بْنُ حِنْزَابَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونِيِّ عَنْ النَّسَائِيّ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَرَوَى جَابِرٌ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْيَهُودَ كانت تقول إذ أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا فِي قُبُلِهَا جَاءَ الولد أحول فأنزلها اللَّهُ تَعَالَى أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015