مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي مَسْأَلَةِ إتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا قَالَ سَأَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَقُلْت لَهُ إنْ كُنْت تُرِيدُ الْمُكَابَرَةَ وَتَصْحِيحَ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ وَإِنْ تَكَلَّمْتَ بِالْمُنَاصَفَةِ كَلَّمْتُك قَالَ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ قُلْت فَبِأَيِّ شَيْءٍ حَرَّمْته قَالَ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} وَقَالَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَالْحَرْثُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَرْجِ قُلْت أَفَيَكُونُ ذَلِكَ مُحَرِّمًا لِمَا سِوَاهُ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا تَقُولُ لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَ سَاقَيْهَا أَوْ فِي أَعْكَانِهَا أَوْ تَحْتَ إبْطِهَا أَوْ أَخَذَتْ ذَكَرَهُ بِيَدِهَا أَفِي ذَلِكَ حَرْثٌ قَالَ لَا قُلْت أَفَيُحَرَّمُ ذَلِكَ قَالَ لَا قُلْت فلم تحتج بمالا حُجَّةَ فِيهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ الْآيَةَ} قَالَ فَقُلْت لَهُ إنَّ هَذَا مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِلْجَوَازِ إنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَى مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَقُلْت أَنْتَ تَتَحَفَّظُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ قَالَ الْحَاكِمُ لَعَلَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ فَأَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَرَّمَهُ قَوْلُهُ قَالَ الرَّبِيعُ كَذَبَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ هَذَا سَمِعَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ مِنْ الرَّبِيعِ وَحَكَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا وَتَكْذِيبُ الرَّبِيعِ لِمُحَمَّدٍ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِذَلِكَ فَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُوهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْ الرَّبِيعِ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} احْتَمَلَتْ الْآيَةُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنْ تُؤْتَى الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ زَوْجُهَا لِأَنَّ أَنَّى شِئْتُمْ يَأْتِي بِمَعْنَى أَيْنَ شِئْتُمْ ثَانِيَهُمَا أَنَّ الْحَرْثَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ فِي مَوْضِعِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ وَأَحْسِبُ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ تَأَوَّلُوا مَا وَصَفْت مِنْ احْتِمَالِ الْآيَةِ قَالَ فَطَلَبْنَا الدَّلَالَةَ مِنْ السُّنَّةِ فَوَجَدْنَا حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَابِتٌ وَهُوَ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ فِي التَّحْرِيمِ قَالَ فَأَخَذْنَا بِهِ قَوْلُهُ وَفِي مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَقَامَ مَا رَوَاهُ أَيْ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلًا انْتَهَى وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ كَمَا قَالَ الرَّبِيعُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الرَّبِيعِ تَكْذِيبَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَإِنَّمَا اغْتَرَّ مُحَمَّدٌ بِكَوْنِ الشَّافِعِيِّ قَصَّ لَهُ الْقِصَّةَ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ بِطَرِيقِ الْمُنَاظَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَالِمَ فِي الْمُنَاظَرَةِ يَتَقَذَّرُ الْقَوْلَ وَهُوَ لَا يَخْتَارُهُ فَيَذْكُرُ أَدِلَّتَهُ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خَصْمُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ فِي الدُّبُرِ بِالْمِيمِ لِمَا رُوِيَ عَنْ