عَنْهُ الْإِشْكَالَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشِّعْرَ فَخَرَجَ مَوْزُونًا وَقَدْ ادَّعَى ابْنُ القطاع وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ تَسْمِيَةِ الْكَلَامِ شِعْرًا أَنْ يَقْصِدَ لَهُ قَائِلُهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ الْأَوَّلُ قَالَ أَنْتَ النَّبِيُّ لَا كَذِبَ فَلَمَّا تَمَثَّلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيَّرَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى هَذَا كُلِّهِ فِي إنْشَائِهِ وَيَتَأَيَّدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ الشِّعْرِ قِيلَ قَبْلَهُ أَوْ يُرْوَى عَنْ غَيْرِهِ إلَّا هَذَا وَهَذَا يُعَارِضُ مَا فِي الصَّحِيحِ1، عَنْ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ تَامٍّ غَيْرِ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ زَادَ ابْنُ عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا الْأَبْيَاتُ الَّتِي كَانَ يَرْتَجِزُ بِهِنَّ وَهُوَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إنْشَادُهُ مُتَمَثِّلًا فَجَائِزٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أُبَالِي شَرِبْت تِرْيَاقًا أَوْ تَعَلَّقْت بِتَمِيمَةٍ أَوْ قُلْت الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ2، فَقَوْلُهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَنْشَدَهُ مُتَمَثِّلًا وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ قَوْلُ لَبِيدٍ
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ..............................3