لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرِبَ الْإِسْنَادِ مُخْتَلِفًا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ عَنْهَا بِجَوَابٍ صَحِيحٍ بِأَنْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَلَكِنِّي تَرَكَتْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا بِطَرِيقٍ اسْتِقْلَالِيٍّ يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ شَرْعًا تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ1.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 2 وَفِي إسناده المغيرة بن صقلاب وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَ النُّفَيْلِيُّ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ3.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ4 وَأُمًّا مَا اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الأم و [المختصر] 5 بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرْنَا مُسْلِمُ [بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ] 6 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ بِإِسْنَادٍ لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل نَجَسًا" وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ "بِقِلَالِ هَجَرَ" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَرَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ فَالْقُلَّةُ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا7. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ تَكُونَ الْقِلَّةُ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفًا فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ خَمْسَ قِرَبٍ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسَا فِي جريان8 كَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَقِرَبُ الْحِجَازِ كِبَارٌ فَلَا يَكُونُ الماء الذي لم9 يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ إلَّا بِقِرَبٍ كِبَارٍ انْتَهَى كَلَامُهُ10.
وَفِيهِ مَبَاحِثُ: الْأَوَّلُ: فِي تَبْيِينِ الْإِسْنَادِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَهُ.
وَالثَّانِي: فِي كَوْنِهِ مُتَّصِلًا أَمْ لَا.